ايتاشيأنا كده سوبر
المشاركات : 600 الجنس : ذكر عدد النقاط : 1123 معدل التقييم : 7
| غرفة الأحزان .. ؟؟ 4/11/2011, 11:42 pm | غرفة الأحزان .. ؟؟
كان لي صديق أحبه لفضلة وأدبه , فكان يروقني منظره ويؤنسني محضره قضيت في صحبته عهداطويلا
ماأنكر من امره ولاينكر من امري شيئا حتى سافرت من القاهرة سفرا طويلا ،
فتراسلناحينا ثم انقطعت عني كتبه فرابني من أمره ما رابني ثم رجعت فجعلت اكبر همي أن أراه فطلبته في جميع المواطن اللتي كنت القاه فيها فلم اجده !!
فذهبت إلى منزله‘فحدثني جيرانه أنه هجره منذ عهد بعيد,و انهم لايعرفون أين مصيره ,
فوقفت بين اليأس والرجاء برهة من الزمان ,يغلب اولهما ثانيهما حتى غلبه , فأيقنت اني فقدت الرجل,وأني لن اجد بعد اليوم سبيلا .
هنالك ذرفت من الوجد دموعا لايذرفها إلامن قل نصيبه من الأصدقاء , وأقفر ربعه من الأوفياء, وأصبح غرضا من غرض الأيام لاتخطئه سهامها ولاتغبه الاّمها ،،
بينا أنا عائد إلى منزلي في ليلة من الليالي السرار إذ دفعني الجهل بالطريق في هذا الظلام المدلهم إلى زقاق موحش مهجور يخيل للناظر إليه في مثل تلك الساعة اللتي مررت فيها أنه مسكن الجان أو مأوى الغيلان,فشعرت كأني أخوض بحرا أسود,يزخر بين جبلين شامخين,وكأن أمواجه تقبل بي وتدبر وترتفع وتنخفض,فما توسطت لجته حتى سمعت في منزل من تلك المنازل المهجورة أنّة تتردد في جوف الليل,ثم تلتها أختها ثم أخواتها,فأثر في نفسي مسمعها تأثيرا شديدا وقلت:ياللعجب,كم يكتم هذا الليل في صدره من أسرار البائسين,وخفايا المحزونين,وكنت عاهدت اللّه قبل اليومالا أرى محزونا حتى أقف أمامه وقفة المساعد إن إستطعت أو وقفة الباكي إن عجزت فتلمست الطريق إلى ذلك المنزل حتى بلغته, فطرقت الباب طرقا خفيفا فلم يفتح ,فطرقته أخرى طرقا شديدا ففتحت لي فتاة صغيرة لم تكد تسلخ العاشرة من عمرها , فتأملتها على ضوء المصباح الضئيل الذي في يدها , فإذا هي في ثيابها الممزقة,كالبدر وراء الغيوم المتقطعة,وقلت لها :هل عندكم مريض؟فزفرت زفرة كاد ينقطع لها نياط قلبها,وقالت: أدرك ابي أيها الرجل فهو يعاج سكرات الموت,ثم مشت امامي فتبعتها حتى وصلت إلى غرفة ذات باب قصير مسنم,فدخلته فخيل إلي أني قد انتقلت من عالم الأحياء إلى عام الأموات, وأن الغرفة قبر, والمريض ميت فدنوت منه حتى صرت بجانبه, فإذا قفص من العظم يتردد فيه النفس تردد الرياح في برج خشبي, فوضعت يدي على جبينه ففتح عينيه وأطال النظر في وجهي, ثم فتح شفتيه قليلا قليلا وقال بصوت خافتالحمد لله فقد وجدت صديقي) فشعرت أن قلبي يتمشى في صدري جزعا وهلعا,وعلمت أني قد عثرتبضالتي اللتي أنشدهاوكنت اتمنى الا أعثر بها وهي في طريق الفناء,وعلى باب القضاء وألايجدد لي مراّهاحزنا كان في قلبي كمينا,وبين أضلعي دفينا,فسألته ماباله؟وماهذه الحال اللتي صار اليها؟وكأن أنسه بي أمدمصباح حياته الضئيل بقليل من النور فأشار إلي أنه يحب النهوض فمددت يدي إليه,فأعتمد عليها حتى أستوى جالسا وأنشأ يقص علي القصة الاتية: منذ عشر سنين كنت أسكن أنا و والدتي بيتا يسكن بجانبه جار لنل من أرباب الثراء والنعمة وكان قصره يضم بين جناحيه فتاة ماضمت القصور أجنحتها على مثلها حسنا وبهاء ,ورونقا وجمالا,فألم بنفسي من الوجد بهامالم أستطع معه صبرا,فمازلت بها اعلجها فتمتنع,وأستنزله فتعتذر.ووأتأتى إلى قلبها بكل الوسائل فلا أصل اليه,حتى عثرت بمنفذ الوعد بالزواج فانحدرت منه اليها,فسكن جماحها,وأسلس قيادها,فسلبتها قلبها وشرفها في يوم واحد,وماهي إلا أيام قلائل حتى عرفت أن جنينا في أحشائها يضطرب,فأسقط في يدي ,وطفقت أرتئي بين أن أفي لها بوعدهاأو أن أقطع حبل ودها,فاّثرت أخراهما على أولاهما,وهجرت ذلك المنزل الذي
كنت أزورها فيه,ولم أعد أعلم من أمره شيئا.
مرت على تلك الحادثة أعوام طوال وفي يوم من الايام جاءني منها مع البريد هذا الكتاب, ومد يده تحت وسادته واخرج كتابا باليا مصفرا, فقرأت فيه مايأتي: " لو كان بي أن اكتب إليك لأجدد عهدا دارسا,أو ودا قديما,ماكتبت سطرا,ولا خططت حرفا,لأني لاأعتقد أن عهدا مثل عهدك الغادر,وودا مثل ودك الكاذب,يستحق أن أحفل به فأذكره,أو اّسف عليه فأطلب تجديده. إنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي نارا تضطرم ,وجنينا يضطرب,تلك للاسف على الماضي,وذاك للخوف من المستقبل,فلم تبال بذلك مني حتى لاتحمل نفسك مؤونة النظر إلىشقاء انت صاحبه,ولاتكلف نفسك مسح دموع أنت مرسلها,فهل أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف؟لا..بل لا أستطيع أن أتصورأنك إنسان؛لأنك ماتركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات أو أوابد الوحش إلاجمعيها في نفسك وظهرت بها جميعا في مظهرٍ واحد. كذبت علي في دعواك إنك تحبني ,وماكنت تحب إلا نفسك , وكل مافي الامر أنك رأيتني السبيل إلى إرضائهافمررت بي في طريقك اليها,ولولا ذلك ماطرقت لي بابا , ولارأيت لي وجها . خنتني إذ عاهدتني على الزواج فأخلفت وعدك ذهابا بنفسك أن تتزوج إمرأة ساقطة مجرمة , وماهذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صنعة يدك وجريرة نفسك. ، لولاك ماكنت مجرمة ولا ساقطة , فقد دافعتك جهدي حتى عييت بأمرك, فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير بين يدي الجبار الكبير,سرقت عفتي,فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب,أستثقل الحياة وأستبطيء الاجل,وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل,ولا أما لولد,بل لاتستطيع أن تعيش في أي من المجتمعات البشرية ألا وهي خافضة رأسها , مسبلة أجفانها , واضعة خدها على كفها , ترتعد أوصالها وتذوب أحشائها , خوفا من عبث العابثين وتهكم المتهكمين . سلبتني راحتي لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعة فيه بعشرة أمي وأبي,تاركة ورائي تلك النعمة الواسعة وذلك العيش الرغيد إلى منزل حقير في حي مهجور لايعرفه أحد,ولا يطرق بابه أحد,لأقضي فيه الصبابة الباقية لي من أيام حياتي. قتلت أمي وأبي , فقد علمت أنهما ماتا , وماأحسب موتهما إلا حزنا لفقدي , ويأساً من لقائي , قتلتني لإن ذاك العيش المرّالذي شربته من كأسك , والهم الطويل الذي علجته بسببك , قد بلغا مبلغهما من نفسي وجسمي,فأصبحت في فراش الموت كالذبالة المحترقة تتلاشى نفسا في نفس,وأحسب ان الله قد صنع لي,واستجاب دعائي,وأراد أن ينقلني من دار الموت و الشقاء إلى دار الحياة والهناء . فأنت كاذب خادع , ولص قاتل , ولا أحسب أن اللّه تاركك دون أن يأخذ لي بحقي منك ماكتبت إليك هذا الكتاب لأجدد بك عهدا,أو أخطب إليك ودا,فأنت أون علي من ذلك,إنني قد أصبحت على باب القبر وفي موقف وداع الحياة بأجمعها خيرها وشرها , سعادتها وشقائها , فلا أمل لي في ودولا متسع لعهد , وإنماكتبت إليك لأن لك عندي وديعة وهي فتاتك , فإن كان الذي ذهب بالرحمة من قلبك أبقى لك منها رحمة الأبوة فأقبل إليهاوخذها إليك حتى لايدركها من الشقاء ماأدرك أمها من قبل "
فما أتممت قراءة الكتاب حتى نظرت إليه فرأيت مدامعه تتحدر على خديه فسألته : وماذا تم بعد ذلك؟ قال : إني ماقرأت هذا الكتاب حتى أحسست برعدة تتمشى في جميع أعضائي ,وخيل إلي أن صدري يحاول أن ينشق عن قلبي حزنا وجزعا.فأسرعت إلى منزلها الذي تراني فيه الان ,فرأيتها في هذه الغرفة على هذا السرير جثة هامدة لا حراك بها , ورأيت فتاتها إلى جانبها تبكي بكاءً مرَّاً فصعقت لهول مارأيت , وتمثلت لي جرائمي في غشيتي كأنما هي وحوش ضارية , وأساود ملتفة , هذا ينشب أظافره وذاك يحدد أنيابه , فما أفقت حتى عاهدت اللّه ألاأبرح هذه الغرفة اللتي سميته غرفة الاحزان حتى أعيش فيه عيشها وأموت موتها. وهاأنذا أموت اليوم راضيا مسرورا ، وما وصل من حديثه إلى هذا الحد حتى انعقد لسانه واكفر وجهه وسقط على فراشه فأسلم الروح وهو يقول " أبنتي يا صديقي "
فلبثت بجانبه ساعة قضيت فيها ما يجب على الصديق لصديقه,ثم كتبت إلى أصدقائه فحضرو تشييع جنازته ومارئي مثل يومه كان أكثر باكية وباكياً ولما حثونا الترب فوق ضريحه جزعنا ولكن أي ساعة مجزع !!!
فيا أقوياء القلوب من الرجال رفقا بضعاف النفوس من النساء |
|